النقيب محمود فريد.. حين ترتدي الإنسانية زيًّا رسميًا

في وقت أصبحت فيه المعاملة الطيبة عملة نادرة، هناك من لا يزال يحمل بين طيات زيه الرسمي قلبًا نابضًا بالرحمة، ووجهًا يشعّ بالأدب والاحترام، وكأن خُلقه خُلق الأنبياء، وابتسامته عهد أمان لِمن ضاقت به الدنيا.
النقيب محمود فريد، رئيس تحقيقات قسم شرطة روض الفرج، ليس مجرد ضابط يؤدي مهامه اليومية، بل هو عنوان للتهذيب، ورمزٌ لمدرسة نادرة تُعلّم كيف يكون رجل الأمن إنسانًا قبل أي شيء آخر.
منذ دخولك إلى مكتبه، تستقبلك ابتسامته قبل كلماته، وتُشعرك ملامحه بالسكينة قبل أن تبدأ في الحديث. لا يصدر حكمًا قبل أن يسمع، ولا يتخذ إجراءً قبل أن يفهم، فيُشعرك أنك أمام أخ كبير أو صديق حكيم، لا أمام مسؤول في موقع سلطة.
وقد تجلّى هذا الجانب الإنساني في واقعة حقيقية، حين حضر أحد المواطنين إلى القسم متوترًا، عازمًا على تحرير محضر ضد ميكانيكي اتهمه بالنصب والاحتيال. الغضب كان سيد الموقف، والمشاعر مشتعلة، لكن النقيب محمود فريد تعامل مع الموقف بحكمة الكبار وهدوء العقلاء. استدعى الطرف الآخر، وأدار حوارًا متزنًا جمع بين احترام النظام، وحسن الظن بالناس، فنجح في تهدئة النفوس، واحتوى الأزمة دون أن يُهدر حقًا أو يُكسر خاطرًا.
بأسلوب أبوي، جمع الطرفين، وفتح مساحة للتفاهم والصلح، فكان أن خرج المواطن وقد تبدلت رغبته في الحبس إلى رغبة في الصفح، وخرج الميكانيكي وقد شعر أن الشرطة ليست سيفًا فقط، بل قلبٌ ينبض بالعدل والرحمة.
النقيب محمود فريد لم يتكلّف هذا السلوك، ولم يُجمله بمظهر زائف، بل هو نتاج تربية أصيلة في بيت عريق، يعرف فيه الكبير مكانته، ويحترم فيه الصغير إنسانيته. رجلٌ جمع بين قوة القانون ورقّة الخُلق، فصار حديث كل من تعامل معه، وقدوة لمن يسيرون في طريق الخدمة العامة.
في زمن كثرت فيه النماذج الصارمة، نحتاج لمن يُعيد إلينا الثقة، ويُذكرنا أن في جهاز الشرطة رجالاً لا ينسون وجوه الناس خلف الشكاوى، ولا يغفلون عن مشاعرهم وسط الأوراق.
النقيب محمود فريد هو واحد من أولئك الذين لا يُنسون، لأنه اختار أن يبقى إنسانًا مهما ارتقى المنصب، ومهما تعاظم النفوذ.